آ كأن الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي يصف المشهد, وما يدور علي الساحة وواقع وهموم وأحلام الوطن في تونس عندما أطلق بيته الشعري: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.
أراد شعب تونس الحياة الكريمة, وكأنه كان في انتظار الشرارة التي فجرت الأوضاع وأشعلت احتجاجاته علي الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة.
فجر تلك الغضبة الشعبية
محمد بو عزيزي"...تذكروا هذا الاسم جيدا..لن تجهدوا أنفسكم في حفظه لأنه اسم حفر في ذاكرة التاريخ.
يمكن أن نطلق عليه "شرارة الثورة" أو "مفجر الثورة" بل و "روح الثورة" لكنه قطعا ليس "جندي الثورة المجهول" بل هو أول جندي أطلق صيحة المعركة الأولى حتى ولو كانت صيحة ألم كبرى مات بعدها.
لم يكن يخطر ببال ذلك الشاب التونسي الفقير ذو ال26 عاما وهو يرى مستقبله قد أظلم وأيامه بلا أمل فيتخذ قرارا بإنهاء هذه الحياة التعيسة أنه سيكون سببا في ثورة شعب كامل وزوال طاغية وإضاءة مستقبل وطن في سابقة هي الأولى من نوعها في الأمة العربية.
"بو عزيزي" شاب عربي تونسي تخرج من الجامعة ولكنه ظل عاطلا عن العمل لسنوات وفي رحلة سعيه لكسب الرزق في ظل نسب فقر وبطالة متزايدة ونظام حكم لا يلتفت لمصالح شعبه لم يجد سوى العمل بائعا متجولا للخضروات والفاكهة على عربة تدفع باليد، لكن السلطات_التي لا ترحم بل وتحاول جاهدة للحول بين العبد ورحمة ربه_ في ولاية سيدي بو زيد صادرتها منه يوم 17 من شهر ديسمبر الماضي بدعوى أنه لم يحصل على ترخيص لها،
فقد سعي للقاء المسئولين للحصول علي ترخيص للبيع, ففشل وصفعته شرطية تونسية وبصقت في وجهه فقرر أن ينتحر بحرق نفسه أمام مقر بلدية سيدي بوزيد احتجاجا علي أوضاع الفقر والبطالة ووأد الحلم واليأس من الحياة.
كان ذلك الانتحار رسالة احتجاج رمزية أيقظت روح الغضب في قلوب التونسيين الذين قرروا الاحتجاج ضد الأوضاع التي يرونها خاطئة والفساد في بلادهم. فتونس ذلك البلد الصغير الذي لا تتجاوز مساحته163 ألفا و160 كيلومترات مربعة وعدد سكانه5,01 مليون نسمة استبدت البطالة بأبنائه وحرقتهم نيرانها مع غياب الوظائف واقتصارها علي المحاسيب ووصل معدل البطالة إلي أكثر من52% طبقا لما تشير إليه التقارير وذلك رغم ارتفاع نسبة التعليم في البلاد وهو ما زاد من السخط الشعبي مع ارتفاع التضخم واسعار السلع الأساسية وعناء المواطن في الحصول علي مستلزماته. قرر الشعب التونسي أن يقف مع نفسه وقفة لتصحيح الأوضاع وبدأت رياح التغيير تهب علي تونس فالشعب عازم علي محاسبة الفاسدين, وتسارعت وتيرة الأحداث علي المسرح السياسي والأمني وبدأت غضبة الخبز بنزول المحتجين إلي شوارع المدن التونسية.
بدأ الرئيس التونسي من موضع قوة باتهام المحتجين والمتظاهرين بالإرهاب وإذا به يتراجع ويهادن ويسعي لاسترضاء الشعب, فالجموع التونسية في غضبة عارمة زادها تفاقم الأوضاع ولجوء الأمن إلي العنف وإطلاق الرصاص في بداية الأمر لاسقاط المحتجين مما أسفر عن مقتل05 شخصا علي الأقل حسب التقارير غير الرسمية.
وتراجع بن علي عن موقفه في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي وأقال في البداية وزير الداخلية ولكن ذلك لم يعد مجديا حتي مع نشر الجيش في شوارع المدن التونسية فقرر الرئيس بن علي إقالة الحكومة بعد أن وعد بتشكيل لجنتين للتحقيق في الفساد كما وعد بتخفيض أسعار السلع وكذلك بانتخابات تشريعية مبكرة خلال ستة أشهر. وانتصرت إرادة الشعب التونسي بخروج الرئيس التونسي الذي استمر في السلطة منذ انقلب علي الرئيس الحبيب بورقيبة في عام7891 حيث كان يشغل منصبي وزير الداخلية ورئيس المخابرات.
أخر كلمات بوعزيزي :
مسافر يا أمي، سامحني، ما يفيد ملام، ضايع في طريق ماهو بإيديا، سامحني كان عصيت كلام أمي، لومي على الزمان ما تلومي عليّ، رايح من غير رجوع, يزي ما بكيت و ما سالت من عيني دموع، ما عاد يفيد ملام على زمان غدّار في بلاد الناس، أنا عييت و مشى من بالي كل اللي راح، مسافر و نسأل زعمة السفر باش ينسّي
محمد بو عزيزي
*******************************************************************************************************
مع تحيات
حبيبكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
بعد أن سقط الصنم هبل، يجب أن تسقط بقية الأصنام المتبقية من اللات والعزى، وبقية الخدام الذين ينتمون للنظام العربي
********************************************************************************************************